السبت، 21 أبريل 2018

في القصاص حياة النفوس

                    بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى في كتابه العزيز
(ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالانثى فمن عفى له من أخيه شي فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمه فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم بالقصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)

أكرم الله هذه الامه المحمدية فشرع لهم قبول الديه في القصاص ولم يكن هذا في الشرائع السماوية الأخرى
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنها انه قال
(كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الديه
فقال الله لهذه الأمة
(كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعيد والأنثى بالانثى فمن عفى له من أخيه شي فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمه فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم بالقصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون )
فالعقل  أن تقبل الديه في العمد

ولكم في القصاص حياة
قال الزجاجي
أن علم الرجل انه إن قتل قتل (بضم فاء الكلمه) أمسك عن القتل فكان في ذلك حياة للذي هم بقتله ولنفسه
لأنه من أجل القصاص أمسك وأخذ هذا المعنى الشاعر فقال

أبلغ أبا مالك عني مغلغلة
                                  وفي العتاب حياة بين أقوام
يريد انهم إن تعاتبوا أصلح العتاب مآ بينهم

الأحكام المتعلقة بالآية

هل يقتل الحر بالعبد والمسلم بالذمي؟

اختلف الفقهاء في ذالك فقد ذهب كلا من
الشافعيه والمالكيه والحنابله الي ان الحر ﻻ يقتل بالعبد والمسلم بالذمي
استدلو على قولهم بالكتاب والسنة والمعقول
أما الكتاب فبقوله تعالى (كتب عليكم القصاص في القتلى)فقد أوجب الله المساواة ثم بين هذه المساواة بقوله (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالانثى)

وأما السنه فما رواه البخاري عن علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(يقتل مسلم بكافر)

اما المعقول فقالوا
أن العبد كالسلعه والمتاع بسبب الرق الذي هو من آثار الكفر والكافر كالدابه بسبب الكفر الذي طغى عليه وقد قال الله تعالى
(أن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون)

فكيف يساوي المؤمن الكافر ويقتل به

وقال الحنفية أن الحر يقتل بالعبد وكذلك المسلم بالذمي
واستدلو بالآتي

أولاً قوله تعالى
(ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى )
قالو أن الله تعالى أوجب قتل القاتل بصدر الآيه وهي عامه تعم كل قاتل سواء كان حرا أو عبدا مسلماً أو ذميا أما قوله تعالى
(الحر بالحر والعبد بالعبد)
فهنا هو لإبطال الظلم الذي كان عليه أهل الجاهلية حيث كانوا يقتلون بالحر أحراراً وبالعبد حرا وبالانثى يقتلون الرجل تعديا وطغيانا
فابطل الله ماكان من ظلم وأكد أن القصاص على القاتل لاغيره
يقول المرجحون أن ماذهب إليه ابي حنيفة

في قتل الحر بالعبد معقول المعنى مؤيد (بقوله صلى الله عليه وسلم )(من قتل عبده قتلناه )

اما في قتل المسلم بالكافر فالراجح فيه رأي الجمهور ﻻ سيما بعد أن تأكد بالدليل(ﻻ يقتل مسلم بكافر ) أخرجه البخاري
يقول ابن كثير رحمه الله ﻻ يصح حديث ولا تأويل يخالف هذا

الحكم الثاني

هل يقتل الوالد اذا قتل ولده؟

ذهب الشافعيه والحنابله والحنفيه الي انه لايقتل الوالد اذا قتل ولده 
لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (ﻻ يقتل والد بولده)

وخالفهم في ذالك مالك فقال يقتل إن تعمد قتله بأن اضجعه وذبحه

الترجيح

يقول المرجحون أن ماذهب إليه الجمهور هو الأرجح للنص الوارد(لايقتل والد بولده)
ﻻن الشفقه تمنعه من قتل ولده متعمدا بخلاف الابن اذا قتل أباه فإنه يقتل به من غير خلاف

الحكم الثالث

هل يقتل الجماعه بالوحد؟

مذهب الجمهور الأئمة الأربعة
أن الجماعه تقتل بالواحد

مذهب الظاهرية ورواية عن أحمد أن الجماعه لا تقتل بالواحد
واستدلو بأية القصاص (كتب عليكم القصاص في القتلى )
فقد شرطت المساوه والمماثله وقالو لا مساواة بين الواحد والجماعه
واستدلو أيضا بقوله تعالى ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس)
فالنفس تقابلها النفس وليست الأنفس ولا تقتل الأنفس بالنفس الواحده ﻻنه مخالف لنص الآية الكريمة

أدلة الجمهور

استدل الجمهور
بما روى عن عمر رضي الله عنه قتل سبعة في غلام قتل بصنعاء وقال (لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم)
قال ابن كثير  (ﻻ يعرف له بزمانه مخالف من الصحابه وذلك كالاجماع)

واستدلو أيضاً بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال
(لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لكبهم الله في النار)
قال الجمهور لو اشتركو بالعقوبة الاخرويه فإنهم يشتركون بالعقوبة الدنيويه أيضا

الحكم الرابع
كيف يقتل الجاني عند القصاص؟

ذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد أن القصاص يكون على الصفه التي قتل بها فمن قتل تغريقا قتل تغريقا

ومن رضخ رأس انسان بحجر راح رأسه بحجر واحتجو بالآية
( كتب عليكم القصاص)
واحتجو بحديث أن يهوديا رضخ رأس امرأة بحجر فرضخ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بحجر)
وذهب أبو حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى
الي ان القتل لايكون إلا بالسيف الآن المطلوب بالقصاص إتلاف نفس بنفس واستدلو بحديث
لاقود اﻻ بالسيف

الحكم الخامس
من الذي يتولى أمر القصاص؟

اتفق أئمة الفتوى على أنه لايجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه غير السلطان
وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض إنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك ولهذا جعل الله السلطان ليقيض أيدي الناس بعضهم هن بعض

هذا والله أعلم نسأل من الله التوفيق لي ولكم لما يحبه ويرضاه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إباحة الطيبات وتحريم الخبائث

                    بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه ( ياأيها الذين آمنوا كلو من طيبات مارزقناكم وأشكروا الله أ...